رجال ألفا- وتعدد الزوجات: بين التفسير الانتقائي وظلم المرأة.

دينا العراقي تكتب
💥رجال ألفا- وتعدد الزوجات: بين التفسير الانتقائي وظلم المرأة👇
يُعدّ الدين في جوهره رسالة عدل ورحمة، هدفها تنظيم حياة البشر وفق مبادئ تحقق التوازن بين الحقوق والواجبات. لكن في المجتمعات التي لا تزال تعاني من هيمنة الفكر الذكوري، يظهر ما يُعرف بـ **”رجال ألفا”** كرموز للسطوة والتسلط، متبنين تفسيرات انتقائية للنصوص الدينية تضمن لهم مزايا غير مستحقة، بينما تهدر حقوق المرأة وتنتقص من كرامتها. ويعدّ موضوع تعدد الزوجات أحد أكثر القضايا التي يتم توظيفها لخدمة المصالح الشخصية، حيث يعمد هؤلاء الرجال إلى الاستشهاد بقول الله تعالى
*”فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ”* (النساء: 3)
ويستخدمون هذه الآية لتبرير التعدد وكأنه حق مطلق، متجاهلين تمامًا ما جاء في نفس الآية من شرط العدل، وكذلك التحذير الإلهي الصريح من استحالة تحقيقه:
*”وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً”* (النساء: 3)
*”وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ”* (النساء: 129).
شُرع التعدد في الإسلام لحالات استثنائية، وكان مرتبطًا بظروف اجتماعية وإنسانية محددة، مثل كفالة الأيتام وتأمين الحياة الكريمة للنساء في مجتمع كان يعاني من الحروب والفقر. لكنه لم يكن أبدًا رخصة مفتوحة للرجل كي يتزوج كيفما يشاء، دون اعتبار للمسؤوليات المترتبة عليه. غير أن رجالًا ممن يصفون أنفسهم بـ **”ألفا”** – في إشارة إلى سيطرتهم وقوتهم الذكورية – يعتمدون على تفسير مبتور للنصوص، فيختزلون التعدد في كونه امتيازًا ذكوريًا، متجاهلين مقاصد الشريعة التي تقوم على العدل والإحسان. فهم يرون في التعدد فرصة للهيمنة على المرأة، لا التزامًا بعدالة لا يمكن تحقيقها وفقًا للنص القرآني الصريح..
إن الفهم الخاطئ لمفهوم التعدد يؤدي إلى ظلم كبير للمرأة، إذ يُنظر إليها كمجرد وسيلة لإشباع رغبات الرجل، متجاهلين ما قرره الإسلام من تكريمها كشريك متكافئ في الحياة الزوجية. فالزواج في الإسلام قائم على المودة والرحمة، وليس على استغلال الرجل لسلطته بطريقة تكرّس القهر والإذلال. كما أن تجاهل الآيات التي تتحدث عن العدل يؤدي إلى انتهاك كرامة المرأة، حيث تصبح مجرد خيار إضافي في حياة الرجل، وليس شريكة حقيقية. وهذا يخالف المقصد الإلهي الذي يؤكد على العدل والاستقامة في العلاقات الأسرية. إن التفسير الذي يتبناه هؤلاء الذكوريون لا ينحصر في منح أنفسهم الحق المطلق في التعدد، بل يمتد إلى تبرير سلوكيات تنطوي على ظلم واضح للمرأة، مثل الإهمال العاطفي، والتمييز بين الزوجات، والنظر إلى المرأة كأداة للمتعة لا كشريكة متكافئة..
لكن الإسلام، في جوهره، **كرّم المرأة وجعلها مساوية للرجل في الحقوق والواجبات**، ولم يجعلها خاضعة لأهواء فردية أو تفسيرات تخدم النزعة الذكورية. فالزواج في الإسلام ليس مجرد عقد شكلي، بل **ميثاق غليظ** يقوم على **المودة والرحمة**، لا على الاستبداد والسيطرة. إن الأزمة ليست في الشريعة، بل في العقول التي تحاول ليَّ معانيها لتحقيق أهداف شخصية. والتعامل مع القرآن يجب أن يكون شاملًا، لا انتقائيًا يخدم مصالح معينة. فكما أن الله أباح التعدد، فقد وضع له قيودًا وشروطًا تكاد تجعل تحقيقه شبه مستحيل في ظل غياب العدل الحقيقي. لذلك، من الضروري إعادة قراءة النصوص الدينية بعيدًا عن الذهنية الذكورية المتحيزة، والبحث عن التفسيرات التي تحقق **المقصد الإلهي الحقيقي القائم على العدل والإنصاف**. فالمرأة ليست كائنًا تابعًا، ولا ينبغي أن تكون ضحية لفكر ذكوري منحاز يستغل الدين لمآرب شخصية. إن ادعاء بعض الرجال بأنهم “ألفا” لا يمنحهم الحق في تسخير الدين لخدمة نزواتهم. فالتعدد في الإسلام **مسؤولية كبرى وليس امتيازًا مجانيًا**، ومن يدّعي العدل ثم يعجز عنه فقد خالف النص القرآني الصريح. والمجتمعات التي تسمح لهذا الفكر بالانتشار هي مجتمعات تدفع ثمنًا باهظًا من استقرارها الأسري وقيمها الأخلاقية. فالإسلام جاء ليحمي حقوق الجميع، لا ليكون أداة في يد من يبحثون عن السلطة تحت غطاء ديني زائف.
“و الرجال ألفا هو مصطلح يُستخدم لوصف الرجال الذين يُنظر إليهم على أنهم قادة بالفطرة، يتمتعون بالهيمنة، والثقة العالية بالنفس، والقوة، والجاذبية. يُستمد هذا المصطلح من علم الأحياء، حيث يشير إلى الذكر المهيمن في مجموعات الحيوانات، لكن تم تبنيه في الثقافة البشرية للإشارة إلى الرجال الذين يسعون للسيطرة والقيادة في المجتمع والعلاقات